تشهد موريتانيا منذ أيام تطورات متسارعة في ملف محاربة الفساد، بعد أن كشفت محكمة الحسابات في تقريرها السنوي الأخير عن إدانة أكثر من ثلاثين مسؤولاً بتهم تتعلق بالفساد المالي وسوء التسيير في مؤسسات ومصالح حكومية مختلفة.
التقرير، الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، تضمن تفاصيل صادمة عن مبالغ مالية ضخمة فُقدت أو صُرفت دون وجه حق، وعن شبكات تسيير فوضوي استنزفت المال العام بطرق متعددة، من صفقات وهمية إلى تلاعب بالموازنات وسوء استخدام للموارد.
💬 رئيس الجمهورية: لا مسامحة بعد اليوم
وفي خطوة بدت حاسمة، جاء خطاب رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني مساء أمس ليشكل منعطفاً في التعاطي الرسمي مع هذا الملف، حيث أكد بلهجة صارمة أن "لا مسامحة مع أي مفسد، وأن العقوبات ستطال كل من عبث بالمال العام، مهما كان موقعه أو نفوذه".
تصريحات الرئيس وُصفت من قبل المراقبين بأنها رسالة قوية إلى الإدارة والطبقة السياسية، ومؤشر على بداية مرحلة جديدة في مكافحة الفساد، قد تشمل فتح ملفات ظلت لسنوات طيّ الكتمان.
🏛️ إقالات بالجملة... تطهير إداري أم بداية الإصلاح؟
لم تمر سوى ساعات على الخطاب حتى أقر مجلس الوزراء اليوم سلسلة إقالات واسعة في عدد من القطاعات، شملت مسؤولين وردت أسماؤهم أو مؤسساتهم في تقرير محكمة الحسابات.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن هذه الإجراءات قد تكون الدفعة الأولى من حملة تطهير إداري شاملة، هدفها إعادة الثقة في أجهزة الدولة وتفعيل الرقابة والمساءلة.
💰 أموال الشعب... ضحية التسيب
يكشف التقرير عن نماذج متعددة من سوء التسيير:
صفقات صورية لم تنفذ أو نفذت جزئياً.
تحويلات مالية غير مبررة.
نفقات تفوق السقف القانوني دون موافقة الجهات الرقابية.
استخدام ممتلكات عمومية لأغراض خاصة.
كل ذلك جعل من المال العام ضحية لفساد متراكم، أرهق الاقتصاد الوطني وأضعف ثقة المواطن في الإدارة.
⚖️ تحدي الشفافية والمساءلة
يرى متابعون أن نجاح الدولة في استعادة هذه الأموال ومحاسبة المتورطين سيشكل اختباراً حقيقياً لجدية الإصلاح، وأن الشفافية في الإجراءات ستكون المعيار الأبرز لقياس مدى صدق التوجه الجديد.


